بيترو : اختيار المغرب بداية مسار نحو العالمية…

■ المتابعة : عادل الرحموني.

في رياضة لا تعترف بالصدفة ولا تمنح الاعتراف إلا لمن يصبر ويشتغل في الظل ، يبرز اسم بيترو كأحد المشاريع الصاعدة التي اختارت السير خارج الطرق السهلة. قراره تمثيل المغرب لا يندرج ضمن التحولات الشكلية التي تعرفها الرياضة الحديثة ، بل يعكس رؤية احترافية مبنية على العمل المتدرج والانخراط في مسار تنافسي صعب ، حيث لا مكان إلا للأرقام والنتائج بيترو يقدم نموذجا جديدا للرياضي المرتبط بهويته دون أن يجعل منها سقفا لطموحه ، بل جسرا نحو العالمية.

بيترو ، البالغ من العمر اثنين وعشرين عاما ، يعيش نمطا تدريبيا خاصا يفرض عليه التنقل الدائم بحثا عن أفضل ظروف التحضير. من تشيلي حيث أنهى مرحلة مهمة من الإعداد الصيفي ، إلى منحدرات أوشوايا ، ثم إلى كولورادو الأمريكية ، يؤمن هذا المتزلج الشاب بأن التطور في التزلج الألبي لا يتحقق بالاستقرار ، بل بالاحتكاك المستمر وتعدد التجارب. السفر بالنسبة له ليس خيارا ، بل جزء من هوية رياضي يسابق الزمن نحو النضج.

على مستوى العمل التقني ، يركز بيترو بشكل خاص على سباقات التعرج والتعرج العملاق ، حيث يشتغل على السرعة والدقة والقدرة على التحكم في المسار. نتائجه الأخيرة تعكس تطورا تدريجيا واضحا ، وتؤكد أنه بات قريبا من اختراق دائرة المتزلجين المتقدمين عالميا ، دون الحاجة إلى حسابات معقدة أو سباقات تصفية إضافية.

اختياره تمثيل المغرب شكل نقطة تحول في مساره. القرار لم يكن وليد لحظة ، بل ثمرة قناعة شخصية وارتباط عائلي وهوية راسخة. بعد سنوات ضمن الفئات السنية ، انتقل بيترو إلى فئة الكبار ، حاملا طموحا واضحا يتمثل في الحضور القوي في المنافسات الدولية الكبرى ، وعلى رأسها الألعاب الأولمبية المقبلة. بالنسبة له ، تمثيل المغرب ليس مجرد مشاركة ، بل التزام أخلاقي ورياضي ومسؤولية مضاعفة.

المرحلة الحالية من مساره تشهد انضمامه إلى أكاديمية دولية متخصصة مقرها مدينة بين ، تجمع متزلجين من مدارس مختلفة ، لكل واحد منهم هدفه الخاص ومساره المحدد. داخل هذا الفضاء الاحترافي ، وجد بيترو بيئة عمل مناسبة تقوم على الانضباط اليومي والتخطيط الدقيق ، تحت إشراف مدربين ذوي تجربة طويلة في التزلج الألبي ، وهو ما انعكس إيجابا على استقراره التقني والذهني.

بيترو لا يخفي طموحه الكبير. الألعاب الأولمبية حاضرة في ذهنه ، لكنها ليست الهدف الوحيد. كأس العالم وكأس أوروبا جزء من مشروعه الرياضي ، والرهان الحقيقي يبقى هو الاستمرارية وتراكم الخبرة داخل منظومة تنافسية قاسية. هو يدرك أن الطريق طويل ، لكنه يراهن على العمل اليومي وعلى الثقة في مسار اختاره عن وعي.

قصة بيترو لا تندرج فقط ضمن خانة المسارات الفردية ، بل تشكل مؤشرا على إمكانية بناء حضور مغربي في رياضات الشتاء إذا ما توفرت الرؤية والدعم والمتابعة. حين يختار رياضي شاب حمل القميص الوطني عن قناعة ، ويخوض تحدي العالمية بإمكاناته الخاصة ، فإن الرهان لا يكون على المشاركة فقط ، بل على صناعة صورة جديدة للرياضة المغربية خارج الأنماط التقليدية.
بيترو اليوم لا يمثل نفسه وحده ، بل يفتح نافذة أمل لمغرب قادر على الحضور حيث لم يكن معتادا أن يُذكر ، بثقة ، وبعمل ، وبطموح مشروع.

شاهد هنا أيضا

تييري هنري يتوَّج بجائزة الإنجاز مدى الحياة لعام 2025

تييري هنري يتوج بجائزة الإنجاز مدى الحياة 2025 من BBC تكريمًا لمسيرة كروية أسطورية مع أرسنال والمنتخب الفرنسي وإنجازات خالدة في تاريخ كرة القدم.