بقلم الصحفي والناقد : عادل الرحموني

تشهد مختلف المدن المغربية هذه الأيام حملة وطنية واسعة لمحاربة استغلال الملك العمومي دون سند قانوني أو ترخيص مسبق، وذلك في إطار الجهود المبذولة لاستعادة النظام في الفضاءات العامة، وتعزيز احترام القانون وتكافؤ الفرص بين المواطنين.
وقد لقيت هذه الحملة ترحيبًا وإشادة واسعة من طرف فعاليات المجتمع المدني والمواطنين، الذين رأوا فيها خطوة ضرورية لوضع حد لفوضى الأرصفة والطرقات، وتحسين جودة الحياة في الفضاءات الحضرية، خاصة في ظل التوسع العمراني المتسارع وما ينتج عنه من ضغط على المرافق العمومية.
عدد من الهيئات الجمعوية والساكنة عبّروا عن ارتياحهم الكبير لانطلاق الحملة، معتبرين أن احتلال الملك العمومي بات يؤثر بشكل مباشر على الراجلين، ويُعيق السير العادي للمرور، بل ويتسبب أحيانًا في حوادث وإشكالات أمنية.
فالرصيف، كما جاء في تعليقات العديد من المواطنين، “حق مشترك يجب أن يُصان”، ولا يمكن أن يصبح مجالًا للاحتكار أو الاستغلال غير المشروع سواء من طرف الباعة الجائلين أو بعض المقاهي والمحلات التجارية.

ورغم التأييد العام لمبدأ احترام القانون، إلا أن هذه الحملة طرحت إشكالية اجتماعية معقّدة، تتعلق بعدد من الشباب والعائلات التي تعتمد على أنشطة غير مهيكلة لكسب قوتها اليومي، خصوصًا في ظل معدلات بطالة مرتفعة وهشاشة اقتصادية يعاني منها جزء من المجتمع المغربي.
وفي هذا السياق، شددت أصوات مجتمعية وحقوقية على ضرورة مواكبة الحملة بإجراءات اجتماعية واقتصادية موازية، تضمن لهؤلاء الأفراد فرصًا بديلة تحفظ كرامتهم وتُجنبهم السقوط في التهميش أو الانزلاق نحو أنشطة غير قانونية.
إن تطبيق القانون أمر أساسي ولا غنى عنه لتحقيق العدالة والإنصاف، لكن لا بد أن يترافق ذلك مع حلول واقعية ومستدامة، مثل:
• إحداث أسواق نموذجية مخصصة للباعة المتجولين.
• توفير برامج لإدماج الشباب في سوق الشغل.
• تمويل مشاريع صغيرة في إطار الاقتصاد التضامني.
• دعم التكوين المهني كآلية لإعادة التأهيل الاجتماعي.
في المحصلة، فإن هذه الحملة التي انطلقت بقوة في عدد من المدن، تُعد خطوة إيجابية نحو إعادة الاعتبار للفضاء العمومي، لكنها لن تحقق أهدافها الكاملة إلا إذا تبنّت الدولة والجماعات المحلية مقاربة شاملة متوازنة، تراعي الحق في التنظيم كما تراعي الحق في العيش الكريم.