الخميس ,3 يوليوز 2025

أسكاس أماينو 2975: إضاءات على رموز ودلالات الاحتفال بـ”ينّاير”

المتابعة : عادل الرحموني

ترامناً مع الاحتفالات بالسنة الأمازيغية الجديدة، تُثار نقاشات وسجالات حول رموز ودلالات هذا الحدث، وهو ما يجعل من الضروري إلقاء الضوء على هذا الاحتفال التاريخي العريق، خاصة في ظل الغموض الذي يكتنفه لدى البعض وردود الفعل المتباينة التي تصاحبه. في هذا السياق، نقدم معالجة محدثة لمقال يعيد تسليط الضوء على هذه المناسبة، بما يواكب المستجدات الحديثة.

رأس السنة الأمازيغية: تداخل التاريخ والاحتفال

يستقبل المغاربة هذه السنة رأس السنة الأمازيغية 2975 بروح جديدة، بعد أن تم اعتماد فاتح يناير الأمازيغي عيدًا وطنيًا رسميًا، في خطوة تعكس الاعتراف الرسمي بالبعد الثقافي والهوياتي لهذا الحدث. وكما هو الحال في شمال إفريقيا (تامازغ) وعبر الجاليات الأمازيغية حول العالم، يتزامن فاتح يناير الأمازيغي مع يوم 14 يناير الميلادي، رغم أن بعض المناطق تختار يوم 13 أو حتى 12 يناير للاحتفال.

تقاليد متعددة بأسماء متباينة

تختلف تسميات ليلة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية حسب المناطق، حيث تُعرف بـ”إيض ن أوسكّاس” (ليلة السنة)، “تابورت ن أوسكّاس” (باب السنة)، أو “ينّاير”. ويبرز الاحتفال عبر طقوس ومعتقدات تعكس علاقة الأمازيغ الوثيقة بالأرض، باعتبارها منبع الحياة ومرجع الاستمرارية.

ومن أبرز مظاهر الاحتفال تحضير الأطباق التقليدية، التي تستمد مكوناتها من خيرات الأرض، كإشارة رمزية إلى غنى المحصول الزراعي في الموسم المنصرم والأمل في موسم جديد مليء بالعطاء. من بين أشهر الأكلات التي تُعد بهذه المناسبة: “الشرشمة” (حبوب شرشم)، “تاكلا” (العصيدة)، والكسكس بالدجاج والخضر. كما يتم إخفاء “أغورمي” أو نواة التمر في بعض الأطباق، ويعتبر الشخص الذي يعثر عليها “مباركًا” رمزًا للتفاؤل والازدهار.

الجدل حول التأريخ: بين الحقيقة والأسطورة

يعود اختيار سنة 950 قبل الميلاد كبداية للتقويم الأمازيغي إلى الباحث الأمازيغي عمار النكادي عام 1980. وقد استند هذا التأريخ إلى حدث تأسيس الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين، التي أسسها الملك الأمازيغي شيشونق الأول، بعد اعتلائه عرش مصر. ومع ذلك، فإن الدراسات التاريخية تؤكد أن الاحتفال بالسنة الأمازيغية كعيد مرتبط بالأرض كان موجودًا قبل هذا الحدث بكثير.

ويمثل هذا الاحتفال تذكيرًا بعمق الجذور الحضارية والثقافية للأمازيغ. وهو ليس مجرد تقليد موسمي، بل شكل من أشكال التصالح مع التاريخ والتأكيد على الهوية في وجه سياسات الإقصاء التي طالت الأمازيغية لعقود.

رسائل سياسية وثقافية

يتجاوز “أمنزو ن ينّاير” كونه احتفالًا موسميًا ليصبح مناسبة لإطلاق رسائل سياسية، تطالب بالاعتراف بالهوية الأمازيغية وتثمين ثقافتها ولغتها، باعتبارهما مكونات أساسية لشمال إفريقيا. كما يتم استغلال هذه المناسبة للدعوة إلى المزيد من العناية بالتراث الأمازيغي، خاصة في ظل ما يتهدده من طمس ونسيان.

أسكاس أماينو 2975: دعوة للأمل

إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يمثل فرصة للتعبير عن ارتباط الأمازيغ بأرضهم وهويتهم، وتأكيد قيم العطاء والتفاؤل بالمستقبل. مع هذا العيد الذي يُحيي تراثًا يمتد لآلاف السنين، يظل الأمازيغ أوفياء لجذورهم، مستشرفين موسمًا جديدًا مليئًا بالخيرات والبركات.

أسكاس أماينو 2975، وكل عام وأنتم بخير.

شاهد هنا أيضا

مهرجان الأمل للأشخاص في وضعية إعاقة – النسخة الأولى

شهدت مدينة وجدة انطلاقة النسخة الأولى من مهرجان الأمل للأشخاص في وضعية إعاقة، والذي شكل مناسبة متميزة للاحتفاء بالمواهب الاستثنائية لذوي الهمم. على مدى ثلاثة أيام، تحوّلت منصات العرض إلى فضاءات للإبداع، حيث عبّر المشاركون عن ذواتهم من خلال الفنون التشكيلية، والخط العربي، والنحت، في أجواء إنسانية ملؤها الأمل والإلهام.